top of page
العلاج النفسي: Blog2
أحمد شادي طبيب نفسي

طبيب نفسي ومعالج 

اشترك عشان يوصلك بوست كل أسبوع

شكرًا لاشتراكك

هكمل في البوست دا عن إيه اللي بيخلينا عُرضة أكتر للصدمات؟


إيه الحاجات اللي ليها علاقة بالشخص؟


الموارد الداخلية والخارجية:

  • الموارد الخارجية: أي حاجة ممكن تزود إحساسنا بالأمان بتقلل احتمالية تحول الحدث لصدمة فمثلًا سلاح أو مكان للاختباء أو سُلطة أو فلوس أو أشخاص أمان اللي ممكن نلجألهم لحمايتنا أو أي حاجة ممكن نستخدمها لتأمين نفسنا.

  • الموارد الداخلية: زي قوتنا الجسدية أو سرعتنا أو ذكاءنا أو سرعة البديهة.

  • المرحلة العُمرية: كل ما كنا في مرحلة هشّة من عمرنا كل ما زادت احتمالية إن يكون الحدث صادم زي وقت الطفولة والمُراهقة وأوقات الحمل والولادة وأوقات التعب الجسدي أو الضغوط فمثلًا إن طفل رضيع يبقى لوحده في أوضة برد، دا ممكن يكون ضاغط جدًا لكن بالنسبة لشخص بالغ دي ممكن تكون حاجة غير مُريحة.


مهارات الشخص المُتعلمة:

  • فمثلًا في وقت الحريق، ممكن اتنين يكونوا موجودين، حد منهم اتدرب على إطفاء الحريق وحد لأ، الشخص اللي اتدرب ممكن يبقى أقدر على مواجهة الحريق ويقدر يتصرف ومتحصلوش أعراض صدمة، والشخص اللي مش متعلم المهارة ممكن تحصل له صدمة.


تاريخ الشخص في التعامل مع المواقف الخطيرة ورؤيته للي حصل:

  • مثلًا لو أنا تعرضت لاعتداء واللي حصل وقتها إني اتجمدت. لو أنا فهمت أو حد فهمني ردود الفعل الطبيعية للخطر، ممكن أبقى عارف إن التجمد دا كانت طريقة جسمي للتعامل عشان أنجو، وبالتالي ممكن أحس إني مبسوط من رد الفعل عشان نجاني، أو أقبله. لكن لو أنا معرفش ممكن أحس بالخزي تجاه اللي حصل وأِشوف إنه ضعف، وإنه إزاي أتجمد؟ المفروض كنت أعمل وأعمل… فممكن أخرج بالتجربة برؤية عن نفسي إني شخص ضعيف.

  • أو لو هربت من الخطر ومواجهتش ودا اللي جسمي عمله وقتها، ممكن لو أنا فاهم إنه دا رد فعل جسمي تجاه الخطر، أقدّر اللي حصل عشان نجاني أو ممكن أشوف إنه أنا "جبان" عشان هربت ومواجهتش وأحس بالخزي تجاه اللي حصل.

  • أو مثلًا لو أنا واجهت الشخص المُعتدي وضربته واتأذى: ممكن أشوف إني عرفت أصد الخطر وأمنع الأذى عن نفسي وممكن أحس بالذنب عشان أنا أذيت الشخص وأشوف إني شخص "مُفتري" فبعد كدا مسمحش لنفسي إني أدافع عن نفسي أو أسمح لغضبي يطلع.


إيه الحاجات اللي ليها علاقة بالحدث نفسه؟

إنه يكون:

  • غير مُتوقع: كل ما كان الحدث الضاغط غير متوقع أكتر كل ما زادت احتمالية إنه يكون صادم.

  • غير مُتحكم فيه: كل ما قل تحكمنا في الحدث الضاغط كل ما زادت احتمالية إنه يكون صادم.

  • مُزمن: كل ما زادت مُدة الضغط كل ما زاد احتمالية إنه يكون صادم.

  • قُريب ليك بشكل شخصي: يعني مشاهدة حادثة حد عزيز ممكن يكون تأثيرها أكبر من مشاهدة حادث أكبر زي زلزال بس لناس أغراب وفي مكان بعيد.


أمثلة على الأحداث اللي ممكن تكون صادمة ( أي حدث مهما كان ممكن يكون صادم ) :

  • الإصابات والحوادث.

  • الأمراض الخطيرة.

  • الحروب.

  • الكوارث الطبيعية زي الزلازل والبراكين.

  • مشاهدة وفاة شخص.

  • الإعتداء الجسدي أو الجنسي.

  • الإساءات اللفظية.

  • إهمال الاحتياجات الأساسية والعاطفية للأطفال.

  • الموت المفاجىء للأشخاص القريبين.

  • التنمر والنبذ المُجتمعي.


رد فعل الشخص أثناء الحدث:

  • التجمد أو الـ Freeze و الانفصال أو الـ Dissociation هما أكتر ردود فعل لما بيحصلوا ممكن ينتج عنهم أعراض صدمة بعدين.


بعد الحدث:

  • أوقات الشخص بعد الحدث لما يلجأ لشخص تاني سواء للحماية أو الدعم العاطفي بيتقابل بتقليل من مشاعره أو إنكارها زي "انت مكبّر الموضوع" "الموضوع ميستاهلش كل الخوف دا" أو لوم زي "إيه اللي وداكي هناك؟" أو "إنتي اللي سبتيه يعمل كدا" أو Shaming زي " انت جبان" أو " خواف" أو "ضعيف" أو غيره، ودا بيتسمّى Traumatic Invalidation.

  • استمرار الخطر وعدم وصول الشخص للأمان، زي إن الشخص اللي تسبب في الأذى يفضل موجود في مُحيط الشخص اللي تعرض للأذى أو استمرار الحدث الضاغط.

  • إن الجسم مياخدش فرصته في استكمال رد الفعل زي إن طاقة الهروب اللي كانت موجودة وقت الحدث متخرجش، أو طاقة الغضب والـ Fight متخرجش بعد انتهاء الحدث.

  • كل ما كانت نتايج الحدث أكبر وكل ما غيّر شكل الحياة أكتر وكل ما كانت العواقب دائمة كل ما زادت احتمالية إنه يكون له تأثير صادم أكتر.


شكرًا لدكتورة رضوى وليد على مراجعة البوست وعلى إضافتها الكتير ليه.

ولو حد عنده تعديل أو إضافة يا ريت يشاركنا.

المرة الجاية هتكلم عن أعراض الصدمة إن شاء الله.


المصادر:

Waking The Tiger, healing trauma by Peter Levine.

What happened to you by Bruce Perry.


عشان نفهم ليه أشخاص ممكن يتعرضوا لنفس الحدث وفي منهم يظهر عليه أعراض الصدمة ومنهم ميظهرش عليه حاجة، هنحتاج نفهم إيه هي احتياجاتنا وقت الضغوط وإيه اللي بيخلينا أكثر عرضة لإن الضغوط تتحول لصدمات أو يخلينا مش قادرين نتخطي الصدمات.


أول حاجة محتاجين نعرفها عننا كبشر:

إن إدراكنا وتصرفاتنا وطريقة تفكيرنا وقُدرتنا على حل المشاكل واتخاذ القرار ورُؤيتنا لنفسنا ولكل حاجة حوالينا بتعتمد على حالتنا الداخلية عاملة إزاي ودا اسمه State-dependent functioning. لو أنا حاسس بالأمان إدراكي وتصرفاتي هتختلف تمامًا عن لو أنا حاسس بالتهديد أو الخطر. وفي كل حالة ومع كل نوع من المشاعر بيكون لينا إحتياج مُختلف. يعني مثلًا وقت الحُزن بنحتاج حد نشاركه حُزننا وبنحتاج مواساة (حتى لو مش عاوزين نعمل دا لأسباب كتير في تاريخنا).


الحالات اللي بنكون فيها بتتغير من وقت للتاني حسب إحنا مرينا بإيه وإحنا بنمر بإيه دلوقتي، لكن وانت بتقرأ عن الحالات حاول تفكّر في الناس اللي تعرضوا لصدمات: إيه هي الحالة اللي بيكونوا فيها مُعظم الوقت وإيه من الحالات بيكون صعب عليهم الوصول ليها.

إيه هي الحالات دي؟

الأولى: الهدوء والأمان والسلام والاتصال:

في الحالة دي بنبقى مُسترخيين، حاسين بالأمان، سواء في وجود شخص أو لوحدنا. ضربات قلبنا بتكون منتظمة، نَفًسنا مليان، عضلاتنا مُسترخية، قادرين نتواصل مع الآخرين وُمتاحين لمشاعرهم وقادرين نشارك مشاعرنا. وبنقدر نركز على المحادثة وممكن ننسى كل حاجة تانية. بنحس إننا متصلين بالشخص اللي قدامنا. التعاون مع الآخر ورُؤية هدف مُشترك بتكون أسهل في الحالة دي. وممكن نشوف إن العالم مكان آمن وممكن نحس بالرضا.


لو لوحدنا دماغنا ممكن يسرح وممكن نلاقي ترابط بين أفكار وحاجات مكناش شايفين بينها أي رابط قبل كدا، وقُدرتنا على التجريد بتكون أكبر وقُدرتنا على التخطيط وحل المشاكل والإبداع بتكون أكبر.


جهازنا العصبي في جُزء منه اسمه الـ Ventral Vagal pathway، لما بيكون نشط، هو اللي بيدخلنا في الحالة دي.

هنا بنقدر نوصل لأكبر جُزء من ذكائنا يعني لو مُعدل ذكائك 120 فانت في الحالة دي بتكون ما بين 100 و 120.


(أوقات الناس اللي تعرضوا للـ أو Developmental Trauma أو الصدمات المركبة Complex Trauma ممكن ميكونوش حسوا بالحالة دي إطلاقًا في وجود الناس ومش قادرين يحسوا بيها)


الحالة التانية: حالة الإحساس بالخطر المُحفزة (Hyperarousal): (بدرجاته)


ودرجات الإحساس بالخطر هنا ممكن تكون: ترقب أو قلق، أو خوف أو رُعب أو ممكن يبقى الموجود إحباط أو إنزعاج أو غضب.


هنا بنكون حاسين بالخطر والحاجة اللي بنكون عاوزين نعملها واحدة: اعمل حاجة عشان تأمن نفسك. اتحرك! بنكون شايفين إن مفيش حد نثق فيه. وبنشوف المكان اللي إحنا فيه مش آمن وبنبقى كإننا بنبص حوالينا عشان نأمن نفسنا من الخطر. ضربات قلبنا ممكن تزيد أو تبقى مش منتظمة، نَفَسنا أسرع أو قصير. ممكن عضلات من جسمنا تبقى مشدودة، ممكن نلاقي أجزاء من جسمنا عاوزة تتحرك، زي رجلينا. قُدرتنا على التركيز بتقل. ممكن نكون غضبانين وعاوزين نهاجم الآخر عشان نأّمن نفسنا. محادثاتنا هنا بتكون ميّالة للجدال وبنبقى عاوزين نكسب وخايفين نخسر.


هنا وصولنا للقشرة المُخية والتفكير بيها تفكير منطقي بيكون أصعب وقُدرتنا على حل المشاكل بتقل. وكل ما زاد الخطر والخوف كل ما قلت قُدرتنا على استخدام القشرة المُخية.


هنا الجُزء المسؤول عن الحالة دي من جهازنا العصبي هو السمبثاوي أو الـ Sympathetic أو المشهور بالـ Fight Flight Respose وبنكون Reflexive أو في حالة من رد الفعل.


هنا قادر توصل لذكاء 60-90. وممكن يوصل لـ 50-70 وقت الرعب.

فايدة الحالة دي: مواجهة الخطر أو الهروب منه.


الحالة التالتة: الإنفصال أو التجمد (Immobilization أو الـ Dissociation): (بدرجاته)

لما بنحس بإننا مش قادرين نعمل حاجة. أو مُحاصرين مش عارفين نهرب أو نواجه. أي فعل بنعمله بنبقى حاسين إنه مش مفيد ومش هيفيد بنفصل. ممكن نبقى مش حاسين بأي حاجة، مش عارفين أي حاجة. كإننا مش موجودين. بنشوف العالم مُظلم وميت وفارغ. ممكن نحس إننا منملين أو نحس بالخزي والوحدة واليأس، وإن محدش شايفنا ولا حاسس بينا. معندناش أي طاقة لفعل أي حاجة حتى الحاجات اليومية البسيطة وبنبقى حاسين بالهمدان. هنا ضربات قلبنا بتبقى قليلة، ضغط دمنا بيكون قليل. قُدرتنا على التفاعل مع الآخرين بتكون شبه مُنعدمة، تعبيرات وشنا بتكون جامدة ونادرة، قُدرتنا على النظر في عيون الآخرين والتواصل البصري بتكون قليلة، ووعينا بالآخر ومشاعره برده قليلة أو منعدمة.


فايدة الحالة دي: هو الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الطاقة والحفاظ على الحياة بالسكون والتجمد.


هنا الجزء المسؤول عن الحالة دي من جهازنا العصبي هو ال Dorsal Vagal Pathway.


إحنا على مدار يومنا وفي حياتنا بنحتاج كل حالة من دول وكل حالة من دول ليها فوايدها ولما بناخد احتياجاتنا، القدرة على التحرك ما بين ما بين الحالات وتنظيمها بيكون أسهل.


هنلاقي الناس اللي تعرضوا لصدمات بيكونوا موجودين في حالة الإحساس بالخطر المُحفزة أو الانفصال والتجمد مُعظم الوقت، وبيكون في مثيرات كتير ممكن تدخلهم في الحالتين لو هما مش فيهم. وبيكون صعب جدًا الوصول للحالة الأولى اللي هي السلام والهدوء والاتصال وعشان نعرف ليه دا بيحصل هنبدأ من الأول خالص:


إزاي قُدرتنا على التنقل ما بين الحالات دي أو قُدرتنا على التعامل مع الخطر والإحساس بالأمان بتتكون؟

أو (Stress-response system) بتاعنا بيتشكل إزاي.


A person is a person through other persons. None of us comes into the world fully formed. We would not know how to think, or walk, or speak, or behave as human beings unless we learned it from other human beings. We need other human beings in order to be human.
يصبح الإنسان إنسانًا من خلال الآخرين. ما من أحد يُولد كامل النُضج. ولم نكن لنملك القُدرة على التفكير أو المشي أو الحديث أو الفعل لو لم نتعلم ذلك من إنسانٍ آخر، فنحنُ نحتاج للآخرين لنُصبح بشرًا. ─ ديسموند توتو

وإحنا مولودين دماغنا بيكون ¼ حجم دماغ الشخص البالغ. والدماغ بيكبر الـ ¾ دول خلال أول 3 سنين. ومن أُسس النمو، إن الدماغ بيتشكل وجهازنا العصبي بيتبني من خلال تجربتنا مع البيئة واللي حوالينا وخاصةً مُقدمي الرعاية الأساسيين. وأول 3 سنين هما من أهم الفترات اللي بتتشكل فيهم طُرق استجابتنا للضغوط - دا مش معناه إنه الطريقة اللي اتكونت بتستمر للأبد-. الأجزاء المسؤولة عن تنظيم المشاعر في الدماغ (الـ orbito-frontal cotrex وترابطها مع الـ Limbic system والـ Brain strem ) بتتكون في الفترة دي. وأوقات بيتسموا الـ Core Regulatory Networks.


دور نظام الاستجابة للضغط أو الـ Stress-response system من وقت الولادة هو الإحساس بالإنزعاج أو الـ Distress (زي الجوع، البرد، الخطر، أو أي احتياج زي الاحتياجات العاطفية مثلًا القُرب أو اللمس أو الخطر أو التحدي الخارجي) ومحاولة تحقيق الاحتياج أو التغلب على التحدي. المولود والطفل في الفترة الأولى بيعتمد في كل احتياجاته على مُقدم الرعاية. وبالتالي استجابته للضغوط بتتكون من خلال استجابات مُقدم الرعاية لاحتياجاته (إحساس بالإنزعاج عشان وجود الاحتياج بيتبعه تلبية الاحتياج بيتبعه الإحساس بالرضا والأمان). وبرده حسب البيئة وأمانها فنظام الاستجابة للضغوط بتاع شخص مولود في بيئة أمان غير نظام الضغط بتاع شخص مولود في بيئة نزاع أو حرب أو خطر مستمر. في الحالة التانية نظام الضغط هيحتاج يكون حساس للخطر أكتر.


فالطفل بيحتاج يتلبى احتياجاته بصورة منتظمة مُعظم الوقت، من هنا الطفل بيكون الإحساس بالأمان. فلو مُقدم الرعاية مضغوط أو مكتئب أو مش موجود أو مُسىء أو مصدر خوف أو مش مُنتظم في تلبية الاحتياجات مُعظم الوقت، نظام الاستجابة للضغوط بيبقى حسّاس للضغوط (إحساس بالإنزعاج بسبب وجود الاحتياج بيتبعه إنزعاج وعدم تلبية وهكذا وأوقات يكون بيتبعه عقاب أو ألم) فالطفل بيكون أقل قُدرة على الوعي باحتياجاته من البيئة ومن الأشخاص حواليه وطلبها وتوقع تلبيتها بيقل.


وتعاملات الطفل الأولى مع مُقدمي الرعاية بيشكل نماذجه عن الآخرين. هل البشر أمان؟ مُتوقعين؟ يُعتمد عليهم؟ أو هل هما مصدر خوف وفوضى وخطر وفقد؟ والنماذج دي هي اللي بتكون توقعاته عن مدى إمكانية الأشخاص والعالم في تلبية احتياجاته وممكن تحرك الشخص في طلب احتياجاته أو لأ. يعني لو مُقدم الرعاية للطفل كان رافض له أو مش موجود مُعظم الوقت أو كان مصدر خطر، دا بيزود توقع الطفل إن الآخرين هيكونوا زي مُقدم الرعاية، وبالتالي ممكن يتعامل على هذا الأساس. لو الطفل كان مُقدمى الرعاية بتوعه أمان ومُتوقعين وحساسين لاحتياجته بيتوقع إن الآخرين هيتعاملوا معاه بنفس الطريقة وبالتالي ممكن يطلب احتياجاته وبيتوقع إنها هتتلبى (كل ما بنكبر وكل ما بنتعامل مع ناس أكتر كل ما النماذج اللي بنبنيها بتكون مُعقدة أكتر وبيُعاد تشكيلها ومبتكونش بالبساطة دي).


لو فاكرين كان أول استجابة من استجاباتنا للخطر هي Flock أو اللجوء للآخرين، وجاية برده من نظام التعلق أو الـ Attachment System وهي أكتر وسيلة بتنظم مشاعرنا (دا لو كان رمز التعلق أمان وحسّاس لمشاعرنا ومُتوقع ويُعتمد عليه). فالمتوقع إنه وقت الخطر هنلجأ لرموز تعلقنا، لكن الناس اللي كان رموز تعلقهم مش متاحين أو رافضين أو مسيئين، وقت الخطر أو الإنزعاج ووقت المشاعر الشديدة زي الخوف أو الحزن، بيتبعها مشاعر ثانوية (غالبًا جاية من استجابات رموز التعلق) زي الخزي (أنا أستاهل اللي حصل - أنا وحش - أنا غبي) أو الذنب ( أنا المسؤول عن اللي حصل ) وبالتالي اللجوء لرموز التعلق أو اللجوء لرموز تعلق جديدة بيكون احتماليته أقل. فلو رموز التعلق نفسهم كانوا أو مازالوا مصدر خطر أو مش حساسّين لمشاعرنا أو لا يعتمد عليهم أو مسيئين بنبقى خسرانين أكبر وأهم طريقة من طُرق تنظيم مشاعرنا ومرونتنا وملجأنا وقت الضغط والخطر.


فمن أهم الحاجات اللي ممكن تحول الضغوط لصدمات وبتخلينا منقدرش نتخطى الصدمات هي عدم وجود أشخاص أمان مُتاحين وممكن اللجوء ليهم سواء قبل حدوث الصدمة أو الضغط أو أثناء حدوثها أو بعدها.


سو جونسون بتقول: الحب أفضل وسيلة للنجاة، فهو يدفعنا للارتباط عاطفيًا بأشخاص أعزاء يكونون لنا ملاذًا آمنًا من عواصف الحياة.


هكمل المرة الجاية عن طُرق تنظيمنا لمشاعرنا إن شاء الله وإيه اللي بيخلينا أكثر عرضة للصدمات.

لو حد عنده إضافة أو تعديل يا ريت يشاركنا.


المصادر:

Affect regulation and the origins of the self by Allan Schore.

What happened to you by Bruce Perry.

Polyvagal theory in therapy by Deb Dana.


عشان نفهم الصدمات أكتر محتاجين نفهم حاجة أساسية تانية اللي هي الذاكرة. فدا اللي هتكلم عنه انهارده.

ليه بنكون ذكريات وليه بنفتكر؟


تخيل إنك مفتكرتش مين ساعدك في حياتك، مين أذاك، مين بتنبسط معاه مين بتمل من قعدته، المطعم اللي كان أكله مُقرف وتعبت بعده. المطعم اللي أكلت فيه بيتزا وكنت بتزقطط من طعمها بعد كدا. لو مفتكرتش الطريق اللي بيوصلك لبيتك. لو مش فاكر المعلومات المهمة لشغلك؟ مش فاكر المهارات اللي انت اتعلمتها سواء الكتابة أو القراءة أو ركوب عجلة أو عربية أو عزف آلة موسيقية؟


ببساطة مش هتعرف تعيش. مش هتعرف تاخد قرار. مش هتعرف تعمل إيه. مش هتعرف انت مين.


بيتر ليفين بيقول: "التذكر هو عملية إعادة تشكيل مستمرة. تضيف أحيانًا وتمحو أحيانًا وتُعيد ترتيب الأحداث والمعلومات أحيانًا أخرى، كل ذلك من أجل هدف واحد؛ النجاة."


هل كل الذكريات واحنا بنفتكرها بنكون عارفين إن احنا بنفتكرها؟

ما نساه العقل، لم ينسه الجسد.

فرويد


في تجربة مشهورة عملها عالم أعصاب اسمه كلافارد مع مريضة عندها مشكلة في الذاكرة طويلة الأمد أو الـ Long term memory فالمريضة ممكن تعمل محادثة عن كل حاجة وانت معاها، لكن لو سبت الأوضة ورجعتلها تاني مش هتفتكرك ولا هتفتكر المُحادثة. وهتحتاج تعرف نفسك ليها تاني وتبدأ من جديد.


في يوم الدكتور خبّي دبوس في إيده، وهو بيسلم عليها اتشكت من الدبوس وحست بألم في إيديها. في مقابلتهم اللي بعدها المُتوقع إنها تنسى اللي حصل ولو سلّم عليها تمد إيديها تاني بما إن عندها مُشكلة في تكوين واسترجاع الذكريات طويلة الأمد، لكن اللي حصل شيء غريب جدًا: وهو بيمد إيده ليها رجّعت إيديها لورا ورفضت تسلّم عليه. ولمّا سألها ليه مسلمتيش؟ قالت "أحيانًا الدكاترة بيعملوا حاجات تألمك"


فإزاي سحبت إيديها وهي مش معندهاش ذكرى للي حصل؟

عشان نفهم دا محتاجين نفهم يعني إيه ذاكرة كامنة أو Implicit memory:


الذاكرة الكامنة ليها 3 أنواع كُبار:

  • النوع الأول من أنواع الذاكرة الكامنة والمهم جدًا في الصدمات له علاقة باستجابتنا للخطر: جسمنا بيتصرف إزاي وقت الخطر زي إننا نهرب من الخطر على شخص أمان أو بنتجمد أو بنهاجم كل دا بيتسجل على إنه ذاكرة كامنة عشان وقت الخطر بنحتاج رد فعل سريع ومفيش وقت للارتجال، وكل ما حاجة حصلت ونجيتنا في الماضي كل ما زادت احتمالية تكرارها. يعني مثلًا وانت عندك 6 سنين في كلب هاجمك ومكنش في مجال للهروب. فاللي حصل إن جسمك اتجمد ولما الكلب شافك واقف ومتجمد مقربش أكتر وسابك ومشي. هنا التجمد نجّاك من الخطر وكل فعل نجاه الجسم بيميل إنه يفتكره ويكرره، فجسمك هيميل إنه يتجمد لما يشوف كلب تاني حتى وانت كبير مع إنه عقلك واعي إنه الكلب دا مثلًا مربوط ومش هيقدر يهاجم أو دا كلب أليف أو "أنا كبير وأعرف أحمي نفسي دلوقتي" لكن وقت الخطر ممكن جهازك العصبي يسترجع الذاكرة الكامنة ويكررها من نفسه.


  • النوع التاني له علاقة بإحنا بنقرّب لإيه وبنبعد عن إيه أو الـ Approach , withdrawal responses فإحنا بنقرّب من كل حاجة ممكن تغذينا وبنبعد عن كل حاجة ممكن تألمنا. يعني مثلًا ممكن نلاحظ في وجود أشخاص أذونا قبل كدا أو أكل كان طعمه مُقرف إن في عضلات من جسمنا ممكن تتشد أو تنقبض وتتوتر وممكن نرجع بجسمنا لورا وممكن نتجنب النظر في عيون اللي أذونا. لو أشخاص كان وجودهم أمان ورعاية وحماية لينا ممكن نلاحظ جسمنا بيرتاح في وجودهم، قلبنا بيهدى، صدرنا ونفسنا بيوسع وممكن نحاول نقرّب منهم وعينينا ممكن متفارقش عينيهم. ودا زي اللي حصل بالظبط في تجربة كلافارد، اتكون ذكرى كامنة إن ممكن السلام على الأطباء يكون مؤلم وخطر، حتى لو مفيش ذكرى مُعلنة والمريضة قادرة تفتكرها لدا. فلما مد إيده في المرة التانية عشان يسلّم عليها إيديها بعدت من نفسها واتكون نموذج في دماغها إن " السلام على الأطباء مؤلم".


  • النوع التالت وهو أقلهم أهمية لينا في الصدمات هو الخاص بالحركات الجسدية المُتعلمة زي الرقص وركوب العجل والعربية أو أي مهارة عضلية: بعد ما بتتعلم ركوب العجل مثلًا، لما بتركب العجلة مش هتفضل تفتكر انت بتركب العجلة إزاي. إيدك بتمسك الجادون ورجلك على البدال والاتزان بيتظبط من نفسه. كل دا بييجي من الذاكرة الكامنة من غير ما تبذل مجهود في إنك تفكّر أو تفتكر. أو مثلًا المزيكا اللي ممكن تسمعها في دقيقة وبتشوف العازف بيعزفها على الآلة بسهولة وانسيابية دا بيكون وراه ساعات وساعات من التدريب من العازف عشان إيده تتتحرك من الذاكرة الكامنة من غير مجهود واعي كبير.

النوع دا من الذاكرة بيتخزن وبيظهر على هيئة:

  • أحاسيس جسدية زي انقباض أو توتر في عضلة أو رعشة إيد

  • أو مشاعر بأحاسيسها الجسدية برده زي تقل في الصدر أو وجع في القلب مع الحزن

  • أو تعبيرات وش، زي تعبيرات وش الخوف أو الغضب اللي ممكن تظهر علينا في وجود شخص أذانا قبل كدا أو الابتسام وسعة الصدر ونظرات العين الطويلة في وجود شخص كان وجوده مريح.

  • أو على هيئة نماذج أو أفكار أو مُعتقدات زي "الأطباء ممكن يعملوا حاجات تألمك" اللي اتكون مع الألم اللي حصل مع السلام بالإيد على الطبيب.

الحاجة المُهمة التانية في الذاكرة الكامنة هي قدرتها على تكوين ارتباطات شرطية لتسهيل الحياة علينا او الـ (Associative memory). يعني مثلًا رجوع الأم من الشغل وقرب خطواتها من الباب ممكن يرتبط بالحضن اللي هتحضنه ليك لما تشوفك. فمُجرد ما بتسمع خطواتها ممكن تحس بمشاعر الراحة والترحيب والانبساط. والعكس لو رجوعها هيرتبط بانتقاد أو عقاب، ممكن تحس بقلق وضربات قلبك تزيد وعضلات من جسمك تتشد أو تتوتر بمجرد ما بتسمع خطواتها بتقرب.

نيجي للنوع التاني والمعروف أكتر من الذاكرة: الذاكرة المعلنة أو الـ Explicit Memory:


إحنا بنبدأ نكون ذكريات مُعلنة بعد ما بنتم سنتين تقريبًا، لكن مُعظم البالغين بيبقوا فاكرين حاجات بسيطة من عمرهم قبل الـ 5 سنين.


هل دا معناه إن الفترة دي بما إننا مش فاكرينها مش بتأثر على حياتنا؟


بالعكس دي من أهم الفترات ومُعظمها بيتخزّن كذكريات كامنة أو Implicit memories ويظهر ويأثر علينا من غير ما نكون عارفين، فملاحظة بس جانبية للأهالي، إن مش معنى إن الطفل مش هيفتكر ذكرى واضحة ومُعلنة إن اللي حصل أو بيحصل مش هيأثر عليه. الطفل بيكون ذكريات كامنة وجهازه العصبي بيخزن كل التجارب العاطفية سواء داعمة أو مؤلمة، لكن خلينا نكمل عن الذاكرة المُعلنة:


الذاكرة المُعلنة بتحتاج إننا نركز انتباهنا على حاجة عشان تتخزن، وإحنا بنفتكر الذكرى بنبقى عارفين إننا بنفتكر. يعني لو سألتك آخر عيد ميلاد ليك إيه اللي حصل فيه؟ دا بيحتاج إنك تستدعي معلومات وحقايق ومشاعر متخزنة في الذاكرة المعلنة. وانت بتفتكر وبتحكي بتحس إنك بتفتكر وإنك بتستدعي حاجة من الماضي.


قرن آمون أو الـ Hippocampus هو المسؤول عن تخزين الذكريات المُعلنة قصيرة الأمد وتحويلها لذكريات طويلة الأمد ووقت الولادة بيكون نموه مش مُكتمل، وبيكتمل عند سن سنتين أو سنتين ونصف وعشان كدا دا العمر اللي بيبدأ عنده تخزين الذكريات المُعلنة. وقرن آمون مُرتبط بأجزاء تانية من الدماغ منها اللوزة أو الـ Amygdala وبقية العقل العاطفي أو الـ Limbic System وأجزاء تانية في القشرة المُخية عشان يحصل ربط ما بين تفاصيل حدث ما والمشاعر اللي اتحركت أثناؤه ونتجت عنه وتخزين الذكريات دي.


طيب إيه اللي بيحصل لما قرن آمون بيتعطل؟


المريضة اللي دكتور كلافارد عمل معاها التجربة واتشكت بالدبوس كان عندها إصابة في قرن آمون. فهي مش بتقدر تخزن ذكريات مُعلنة جديدة لكن دا ممنعش إنها تخزن ذكريات كامنة.


الكحول ممكن أوقات يعطّل قرن آمون، وبالتالي الشخص ممكن يقضي ليلة كاملة بيقابل ناس وبيعمل حاجات، ولما ينام ويصحى ميفتكرش أي حاجة من الليلة دي، لكن كل اللي كانوا حواليه وقتها يقولوا له إنك كنت واعي وفايق وهي دي الـ Blackouts.


طيب إيه اللي بيحصل أثناء الصدمات للذاكرة؟


المشاعر الشديدة زي الخوف الشديد أو الغضب الشديد اللي أكتر من الشخص يقدر يتحمله (أو خارج نافذة التحمل أو الـ Window of tolerance) ممكن تعطل وظيفة قرن آمون للحظات عن طريق هرمون الكورتيزول العالي.


لما قرن آمون بيتعطل، في خلل بيحصل في تخزين الذكريات المُعلنة فممكن ميتخزنش ذكريات مُعلنة خالص أو يتخزن صور متفرقة مش حكاية كاملة ليها بداية ونهاية ومعنى. لكن اللي بيتخزن كويس جدًا وحساسيته بتزيد هو الذاكرة الكامنة، فبيتخزن المشاعر والأحاسيس الجسدية وردود الفعل المرتبطة بالصدمة.


فمثلًا، بنت تعرضت لاعتداء جنسي وهي عندها 10 سنين، ومن وقتها وهي فاكرة صورة أو اتنين من اللي حصل. لكن بتلاقي نفسها بتحس بخوف شديد في وجود الرجالة عمومًا أو الرجالة اللي شبه المُعتدى. أو ممكن المكان اللي حصل فيه الاعتداء أو الحاجات اللي شبهه تسبب نفس المشاعر اللي حصلت في الاعتداء. ممكن لو كان في ريحة مُعينة للشخص، الريحة دي لو هي شمتها برده يحصل نفس المشاعر والأحاسيس الجسدية وممكن نفس رد الفعل. (ودا نتيجة الذاكرة الكامنة المُخزنة والارتباطات اللي اتكونت) ودا مشهور بمُثيرات الصدمة أو الـ Triggers.


هكمل المرة الجاية عن الصدمات إن شاء الله.

ولو حد عنده تعديل أو إضافة يا ريت يشاركنا.

وشكرًا ل د رضوى وليد على مراجعة البوست.


المصادر:

Trauma and memory by Peter Levine.

Mindsight by Daniel Siegel.



bottom of page