تحديد ما يقع في نطاق مسؤوليتنا وما لا يقع هو أحد أهم مُعضلات الوجود الإنساني.
سكوت بيك
العرض التاني: الإحساس بالذنب السّام أو الـ Toxic Guilt وفي ناس بتسميه المسؤولية الزائفة أو المسؤولية المُتضخمة.
إيه هو الإحساس بالذنب السام؟
الإحساس بالذنب السام هو الإحساس بالذنب المُستمر على أشياء خارج مسؤولية الشخص أو سيطرته. فالشخص مُعظم الوقت بيحس إنه مقصر وإنه عامل حاجة غلط أو إنه ممكن يعمل حاجة غلط.
الأفكار: مُعظم الأفكار بتتمحوّر حوالين المفروض.. المفروض كنت أعمل كذا، المفروض أعمل كذا، أنا قصرت في كذا… والأخطاء السابقة ومُراجعتها، والأخطاء المُتوقعة ومحاولة تجنبها.
الرغبة المُصاحبة:
الرغبة في الاعتذار، وأوقات يصاحبه خزي فالشخص يكون عاوز يبعد أو يستخبى من الأشخاص اللي هو حاسس بالذنب تجاههم. وأوقات يكون في قلق مُصاحب، قلق من إن الشخص يغلط وقلق من إن الشخص يأذي الآخرين.
الفعل المُستمر: الأشخاص بيكونوا بيعملوا حاجات مُعظم الوقت عشان يتفادوا الإحساس بالتقصير، جون برادشو بيسمي دا Humandoing مش Humanbeing، ومش بيدّوا لنفسهم حق الراحة واللعب والاستمتاع.
السلوكيات المُصاحبة: الاعتذار المُستمر، الفعل المُستمر
بيظهر إزاي في البالغين؟
إنكار المُتعة: الشخص لو عمل أي حاجة مُمتعة أو مُريحة يحس بالذنب، وأوقات مش بيسمح لنفسه ولا يدّي لنفسه الحق إنه يستمتع أو يلعب أو يرتاح.
الإحساس المُستمر بالضغط، الشخص بيحس إنه مقصّر في حاجة مُعظم الوقت، فمُعظم الوقت بيكون بيعمل حاجة أو حاسس إنه مقصر في حاجة وبيحاول يعملها.
الإحساس بالاستياء المُستمر تحت السطح: الشخص بيقوم بمهام مش بيكون حقيقي عاوز يقوم بيها وبيعملها بدافع الواجب، فبيكون حاسس باستياء أو resentment مُعظم الوقت.
غياب الاهتمام الحقيقي بالأشياء والأشخاص: الشخص مش بيحس إنه مُهتم بالحاجات اللي هو بيعملها، بيكون في دافع الواجب، وبالتالي مفيش حماس أو اهتمام حقيقي.
الصعوبة في إن الشخص يقول "لأ"، وبيحس بالذنب لو قال لأ.
إهمال الاحتياجات الشخصية: من الاهتمام بالنفس في كل تفاصيلها، ولو في اهتمام ممكن يكون الاهتمام بيحصل عشان الواجب، يعني مثلًا الاهتمام باللبس يكون بيحصل عشان الشغل. الشخص مش بيحس إنه من حقه يكون عنده احتياجات أو رغبات أصلًا.
الاحتياج الزائد للتصديق من الآخرين: الشخص بيحتاج إن الآخرين يصقفوله طول الوقت عشان يحس إنه كُويس بما يكفي.
غياب القيم الحقيقية: الشخص بيعمل اللي يرضى الآخرين وتوقعاتهم منه، مش بُناءً على قيمه الشخصية.
الإحساس المُستمر بإن الشخص مُحاصر ومزنوق ومضغوط من المسؤوليات الزايدة، فالشخص بيكون له نمط في الأفعال، إنه يعمل كتير لفترة مُعينة وبعدها يختفي وهكذا.
أعراض جسدية: زي الصُداع، والشد في العضلات وآلام في الجسم والإرهاق المُستمر.
صعوبة في اتخاذ القرارات: عشان الخوف من اتخاذ القرار الخاطىء والندم عليه. فالشخص بيحاول يتجنب القرارات بأي تمن.
ممكن يظهر إزاي في الجلسات؟
لو حد عمل صوت وهو بيقفل الباب بيعتذر، لو عيّط يعتذر، لو علّى صوته وهو غضبان يعتذر، قبل ما يطلب أو بعد ما يطلب بيعتذر، لو أخد مناديل بيعتذر، في آخر الجلسة بيبقى في اعتذار: "معلش صدّعتك" "معلش نكدت عليك"، وهكذا.
إزاي الإحساس بالذنب السام بيتكوّن؟
الآباء والأمهات اللي بيلوموا الطفل على حاجات مش من مسؤولياته ولا له علاقة بيها زي مشاكلهم الشخصية، زي إنه يتلام على تأخرهم الوظيفي مثلًا: "مش عارفة أشتغل بسببكم"، "وقتي كُله ضايع عليكم". أو إنه يكون مسؤول عن الجواز اللي فيه مشاكل: "أنا مكمل أو مكملة جواز وأنا مش عاوزة عشانكم". أو إنه مسؤول عن التضحيات اللي الأب والأم اختاروا يضحوها: "أنا فنيت عُمري عشانكم ومحدش مقدّر."
أو إنه يتلام على مشاعر الأب أو الأم: زي لو الأب أو الأم اتعصبوا: "انتوا هتجلطوني، أعصابي بقت مشدودة طول الوقت بسببكم". أو لو حسّوا بحُزن: "انتوا منكدّين عليّا طول الوقت، مش عارفة أتبسط بسبب اللي بتعملوه". "أنا شايل همكم" وسواء دا اتقال بطريقة مُباشرة أو كان بيتعبّر عنه بطريقة غير مباشرة.
في الآخر الطفل بيحس بمسؤولية تجاه جودة حياة الأم أو الأب، أو مشاكلهم في الشُغل أو مشاكلهم في الحياة.
وفي آباء وأمهات بيلوموا الطفل على وجوده أصلًا: "من ساعة ما جبتكم وأنا مبقتش أعمل حاجة في حياتي." فالطفل يحس بالذنب تجاه وجوده، ويحاول يبرر كل حاجة هو بيعملها.
وأوقات الطفل يتلام على مشاعره: مثلًا لو حزن: "انت بتاكل وتشرب عاوز إيه تاني؟" . لو اعترض على حاجة: "انت مش مقدر النعمة اللي انت فيها." فطالفل يحس إنه مش مسموح له إنه يحس بمشاعر أصلًا، ولو حسّ بيها يحس بالذنب، ولو عبّر عنها يحس بذنب أكبر.
الوجه الآخر للإحساس بالذنب السام:
عشان في الآخر إحنا كبني آدمين عندنا طاقة محدودة ووقت محدود، فلو بندّي وقت أو مجهود لحاجة ما، هنكون واخدين الوقت والمجهود دا من حاجة تانية.
فهتلاقي أجزاء وعلاقات تانية من حياة الشخص البالغ اللي بيعاني من الإحساس بالذنب السام بيعمل فيها نفس الحاجات اللي كانت بتتعمل معاه، إنه بيلوم أشخاص آخرين على مشاكله أو مشاعره، لإنه مشفش نموذج لتحمل المسؤولية الحقيقية، وفي النهاية مع إن الشخص حاسس بمسؤولية مُتضخمة وعايش بدافع الواجب مُعظم الوقت، إلا إنه في الحقيقة هيكون فيه مسؤوليات من مسؤولياته الحقيقية مش شايلها وبيلوم آخرين عليها.
لو حد عنده أي إضافة أو تعديل يا ريت يشاركنا
المصادر:
The Road Less Traveled by Scott Peck
تعليقات