top of page

الصدمة المركبة أو الـ Complex Trauma (الجُزء التاني)

إيه هي أعراض الصدمة المُركبة؟


"كل عَرَض مرضي ما هو إلا حل لمُشكلة كانت موجودة وقت بدايته"

د ليلى قاسم


الطفل بيُجبر بغريزة التعلق الطبيعية إنه يحافظ على العلاقة بينه وبين مُقدم الرعاية مهما كان مُقدم الرعاية خطير أو مُهمل أو مُسيء أو مُتحكم. راجع التعلق أو الـ Attachment لو انت مش عارف يعني إيه تعلق.


في الصدمة المُركبّة، الطفل بيُجبر بغريزة التعلق إنه يلاقي طريقة يثق بيها في ناس غير جديرين بالثقة، وإنه يحافظ على أمانه مع ناس خطر عليه، وإنه يبقى عنده إحساس بالقدرة في موقف عجز وإنه يبادر مع مُقدم رعاية مُسيطر. ومُجبر إنه يلاقي طريقة يراعى ويحمي نفسه بيها في علاقة مفيش فيها رعاية أو حماية. ومُجبر إنه ينظم وظايفة الحيوية وينظم مشاعره مع مُقدم رعاية هو نفسه مش منظم مشاعره. فالصدمة المُركبة هي مرض علاقاتي في الأساس، وهنا تيجي وظيفة الأعراض: فالأعراض ممكن فهمها بإنها كانت الطريقة المُتاحة للشخص للتكيف مع البيئة المُسيئة.


فهتكلم عن الأعراض بوصفها هي إيه، وكانت بتخدم غرض إيه في العلاقة الأولى وإزاي كانت طريقة للتكيف مع البيئة المُسيئة والأعراض بتظهر إزاي في البالغين وهحاول أختصر على قد ما أقدر.


العرض الأول: الخزي السام أو الـ Toxic Shame.

إيه هو الخزي السام؟

الأفكار: "أنا شخص سيء، مش كفاية، قُليل، وحش، متحبش، مؤذي، خطر، أناني، بشع، مُقرف، غبي، أوفر، حسّاس"

الرغبة المُصاحبة: الرغبة في الاختباء وإخفاء أجزاء من النفس طول الوقت. أو الرغبة في تصدير صورة غير حقيقية مُبالغ فيها عن النفس. 

المشاعر المُصاحبة: الخوف من انكشاف الأجزاء المخفية والخوف من رفضها لو ظهرت. 



الخزي الصحي الأول هو مشاعر لحظية بنحس بيها وممكن تظهر في الجسم على شكل حرارة في وشنا، وممكن نحس إننا مش عارفين نتكلم للحظة، ودا ممكن يحصل لما نُخرج عن قيمنا أو لما نعمل حاجة مُحرجة، ودا مُهم عشان يعرّفنا محدوديتنا ويعرفنا قيمنا.


في الخزي السام الشخص بيشوف إنه كله على بعضه فيه مشكلة أو حاجة غلط أو وحش أو غبي أو ناقص بطريقة ما. وممكن يرتبط بوجود الشخص نفسه فيشوف إنه "أنا غلطة وكل حاجة بعملها بتكون غلط" أو "أنا مؤذي وكل حاجة بعملها مؤذية" "أنا مش كفاية وكل حاجة بعملها مش كفاية" ويبقى عاوز يخبي نفسه عن الآخرين وحتى عن نفسه.


الخزي السام ممكن يرتبط بحاجات مُعينة حسب إيه اللي كان مرفوض من مُقدمي الرعاية: يعني مثلًا الرغبة في الاستكشاف والاستقلال والحماس لو اترفضت والطفل كان بيتعاير بغضبه وباستقلاله أو باستكشافه فممكن يحس بالخزي في أي مرة يبقى عاوز يقول لأ أو إنه يعمل حاجة مُختلفة أو يستقل ويكون له رغبة مُختلفة أو يكون عنده فضول تجاه حاجة وممكن ينكر إن عنده أي رغبة في الاستقلال أو الاستكشاف أو إنه مش مُهتم.


أو لو كان في ذم شديد ورفض تجاه أخطاء الطفل وربط الخطأ بيه هو، فلو كذب مرة فهو كداب، لو فشل مرة فهو فاشل، فالشخص هيكون عنده خزي تجاه الخطأ عمومًا وهيحاول يتجنب الخطأ ولو عمله هيبقى بيحاول يخبيه لإن الخطأ مكنش مقبول. فالمثالية هي وجه آخر للخزي السام.


أو لما كان الشخص يحس بمشاعر أو يعبّر عنها سواء غضب أو حُزن أو خوف أو فرح أو حماس أو غيرهم فيتقابل بالرفض أو التقليل أو يتقاله انت حسّاس أو أوفر، فيحس بالخزي كل مرة يكون عنده فيها مشاعر وبالتالي يبقى بيخبّي مشاعره. 


أو ممكن يرتبط بالاحتياجات اللي مكنش في فُرصة لتلبيتها:

يعني مثلًا لو الأم أو الأب عندهم مرض مُزمن فمحتاجين رعاية جسدية أو عاطفية، فالطفل أو الشخص بيشوف إن احتياجاته أقل أهمية بالمُقارنة بمُقدم الرعاية وهو اللي بيكون بياخد باله وبيرعى الأم أو الأب، والرعاية المُستمرة دي ممكن تخلّي الطفل ينكر احتياجاته مضطر عشان يقدر يرعاهم  وبالتالي يحس بالخزي لو حس بمشاعر أو احتياج. أو لو كانوا مشغولين جدًا لتوفير الاحتياجات الأساسية من الأكل والشُرب فبرده الاحتياج العاطفي أو المشاعر أو أي احتياج تاني ممكن يرتبط بالخزي.



وصوت ومشاعر وتعبيرات وش مُقدم الرعاية الرافض أو المُسيء أو الغير مُتاح  بتتسجل داخليًا، فمثلًا ممكن حد لما يتبسط يحس بالخزي عشان كان مُقدمي الرعاية بيسخروا من انبساطه واستمتاعه وكانوا بيتريقوا عليه انت مبسوط ليه؟ انت أهبل؟


أو مثلًا الاستمتاع الجنسي الطبيعي أوقات يبقى مُرتبط بالخزي، لإن الاستكشاف والاستمتاع الجنسي الطبيعي كان مرفوض وهكذا. أو يكون الخزي مُرتبط بالحُزن فالشخص لو حزن يحس بالخزي ويفكّر إنه ضعيف. أو لما يتعب ويكون مُرهق يحس بالخزي عشان الإرهاق والتعب قبل كدا تم رؤيتهم من مُقدمي الرعاية على إنه استسلام أو كسل، وهكذا…. 


إيه هو هدف الخزي السام؟

هدف الخزي السام هنا أو وظيفته التكيفيه: إنه بيخلي الشخص يخبّي الجُزء المرفوض، وبالتالي الحصول على قبول مُقدم الرعاية والحفاظ على العلاقة معاه. والشخص لو ظهر منه الجُزء المرفوض دا في أي علاقة تانية أو أي وقت، بتتفعل دايرة الخزي السام وبيحس وبيفكر بنفس المشاعر اللي كان بيحس بيها في العلاقة الأولى وبيتوقع ردود أفعال من اللي حواليه زي نفس ردود أفعال مُقدم الرعاية. فلو مثلًا غضبه كان بيتقابل بشتيمة أو خزي من مُقدم الرعاية هيحس بالخزي لما يحس بالغضب وهيتوقع إنه لو عبّر عنه هيتشتم أو هيترفض. 


الوجه الآخر للخزي السام: الناقد الخارجي:

إيه هو الناقد الخارجي؟

"الآخرين أغبياء، مش كفاية، قُليلين، مؤذيين، خطر، أنانيين، وحشين، بشعين، مُقرفين، حسّاسين"


الناقد الخارجي عبارة عن أحكام زي اللي فوق دي ومشاعر زي القرف أو الاحتقار أو الغضب بتظهر عند الشخص لما الآخرين يعملوا الحاجات اللي تم رفضها من مُقدمي الرعاية أو الأقران. فمثلًا شخص تعرض لتنمر على شكله، ممكن يلاقي نفسه بيتنمر على شكل الآخرين برده. ويحس بقرف أو احتقار للناس اللي فيها نفس الحاجات اللي تم التنمر فيها عليه.


أو شخص اتعرض لتقليل أو رفض لمشاعره، ممكن يلاقي نفسه بيحس بغضب أو قرف أو احتقار لما الآخرين يعبّروا عن مشاعر ويبقى هو كمان يقلل أو يرفض.


وهكذا تجاه أي سلوك أو مشاعر أو احتياجات أو أفكار. 


طيب دا هدفه إيه؟

في هدفين للناقد الخارجي:

الهدف الأول: الحماية من الحاجات المُسيئة اللي كانت بتحصل في العلاقة الأولى، فمثلًا لو مُقدم الرعاية كان بيغضب ويضرب على حاجات مُعينة، فالشخص هنا محتاج يبقى يقظ بزيادة في البيت تجاه الغضب عشان يقدر يعمل رد فعل يحميه، فالشخص ممكن يلاقي نفسه عند غضب الآخرين أو صوتهم العالي بيحس بمشاعر شديدة وأحكامه تظهر.


الهدف التاني:

أوقات اللي بيحصل مع الخزي السام إن الشخص يتماثل مع مُقدم الرعاية، يعني مثلًا لو حُزنها كان مرفوض واتسمت نِكديّة، فتبقى مصدقة إن الحزن نكد وتقصي الجُزء دا من نفسها تمامًاـ ولما تشوفه في الآخرين تحس بغضب أو بقرف زي اللي كان بيحس بيه مُقدم الرعاية تجاهها، والأحكام تطلع تجاه الآخرين، عشان تحس إنها أبعد ما يكون عن الحاجة اللي كانت مرفوضة فيها وإنها ممكن تتقبل، وإن الآخرين همّا اللي كدا لكن أنا مش كدا فتشوف إن الآخر فيه مشكلة وتبعده ومتعتمدش عليه زائد إن ألم الماضي المؤلم جدًا يتسكن وبالتالي ميحصلش القُرب المُهدد.


في نظريات كتير أوي اتكلمت عن الخزي السام بأشكال مُختلفة زي الكبت أو الـ Repression في نظريات فرويد، أو النفس المُزيفة أو الـ  False Self في نظرية وينيكوت، والنفس المُزيفة هي الأجزاء اللي كانت مقبولة في العلاقة الأولي ناقص كل الأجزاء المرفوضة. في الـ Transactional Analysis بتتسمى الطفل المُتكيف أو الـ Adapted   Child أو المُعتقدات الأساسية الخاطئة - Core Beliefs في العلاج المعرفي. 



هكمل المرة الجاية عن بقية الأعراض ولو حد عنده إضافة أو تعديل يا ريت يشاركنا

المصادر:

Complex PTSD: from Surviving to Thriving by Pete Walker.

Healing The Shame That Binds You by John Bradshaw.


أحدث منشورات

عرض الكل

Comentarios


Post: Blog2_Post
bottom of page